Read & Study the Bible Online - Bible Portal
Fyodor Dostoevsky
إن أمثال هؤلاء الناس يستعملون جميع ما أوتوا من غرائز ليستخفوا بالإخرين وليسخروا منهم، فأحكامهم عمياء وصلفهم مفرط لا حدود له. إنهم لا يزيدون على رصد أخطاء من حولهم، ومراقبة مافيهم من جوانب الضعف. وإذا كانت طيبتهم لا تفوق طيبة محارة من محار الماء فإن معاشرتهم للأخرين يحكمها الحذر ويسيطر عليها الحب التروى والتبصر، وهم بذلك فخورون، وأنهم لإقتناعهم بأن البشر كافة باستثنائهم أناس حمقى يستطعون هم عند الحاجة أن يعصروهم كما تعصر برتقالة أو إسفنجة، فإنهم يحسبون أنفسهم سادة العالم، يحسبون العالم مدينا لهم مرهونا بهم متوقفا عليهم، وإنهم يعتبرون هذا الوضع ثمرة ما يملكون من ذكاء وما يتصفون به من خلق قوى وإرادة صلبة وطبع فذ، وهم في صلفهم هذا الذي لا حدود له لا يسلمون لهم عيوبا أو أخطاء... إنهم يشبهون هؤلاء الأوغاد أمثال تارتوف أو فالستاف الذين ينتهون إلى الإقتناع من فرط ما خادعوا ومكروا وغشوا بأن من حقهم أن يظهروا مختالين ثم هم من فرط ما أقنعو الأخرين بذلك أصبحوا يعتقدون مخلصين بأنهم أناس شرفاء مستقمون. إنهم لا يملكون الوسائل الضرورية لإمتحان ضميرهم إمتحانا صادقا كريما، ولنقد أنفسهم نقدا نزيها نبيلا، إن جلودهم أسمك وأغلظ من أن تتقبل مثل هذا الإمتحان أو مثل هذا النقد. إن شخصيتهم الفذة وذاتهم المتقوقة هما في نظرهم أشبه بإله العمونين (مولوك) أو إله الفينقيين (جعل) فما وجدت الطبيعة العظيمة ولا وجد الكون كله إلا ليكن مرأة خلقت ليستطيع الإله الصغير أن يرى نفسه فيها فيعجب بها. وهذا يمنعهم من أن يروا كل ما ليس عداهم، وذلك هو السبب في أنهم يرون جميع الأشياء من جانبها الكريه البغيض.
topics: quotes  
0 likes

Be the first to react on this!

Grupo de Marcas